كيف تؤثر البنوك المركزية على الأسواق

البنوك المركزية هي القوة الدافعة وراء إقتصاد كل بلد في هذا العالم. وهي تلعب دوراً مهماً للغاية فيما يتعلق بنمو المجتمعات وإستدامتها وتستخدم مجموعة متنوعة من الأدوات للحفاظ على جميع الجوانب النقدية الواسعة تحت السيطرة.

بعض البنوك المركزية معروفة أكثر من غيرها خاصة أنها تؤثر على البلدان الأخرى عندما تستخدم أدواتها. على سبيل المثال الإحتياطي الفيدرالي، وهو البنك المركزي للولايات المتحدة أمّا البنك المركزي الأوروبي، هو البنك المركزي لمنطقة اليورو بأكملها. ويوجد بنوك مركزية قوية ومعروفة أخرى منها البنك الوطني السويسري، وبنك إنجلترا، وبنك الشعب الصيني، وبنك اليابان.

تضمن البنوك المركزية صحة إقتصاد ذلك البلد من خلال تنظيم كمية الأموال المتاحة في التداول. كما أنها تغير أسعار الفائدة بمرور الوقت، وتطبع النقود إذا لزم الأمر، وتضع متطلبات الإحتياطي للبنوك للتحكم في المعروض من النقود.

وتشمل بعض الأدوات الأخرى التي تستخدمها البنوك المركزية عمليات السوق المفتوحة والتيسير الكمي وهو عملية شراء أو بيع السندات والأوراق المالية الحكومية.

 

لماذا مبلغ المال مهم؟

تؤثر الأموال المتداولة داخل الإقتصاد على إتجاهات الإقتصاد الجزئي والإقتصاد الكلي. في الإقتصاد الجزئي، يتيح المعروض الكبير من المال مزيداً من الإنفاق من قبل الأفراد والشركات بالإضافة إلى الحصول على قروض وتأمين التمويل من قبل الشركات.

 

بالنظر إلى مستوى الإقتصاد الكلي، يتأثر الناتج المحلي الإجمالي وأسعار الفائدة ومعدلات البطالة بكمية الأموال المتداولة.

وتتحكم البنوك المركزية في هذه الأموال المتدفقة لتحقيق أهداف معينة والتأثير على السياسة النقدية.

طباعة الأموال

إحدى الأدوات الرئيسية التي تستخدمها البنوك المركزية للتحكم في كمية الأموال المتداولة هي طباعة المزيد إذا لزم الأمر. وعلى الرغم من أنها ليست الطريقة الرئيسية أو الطريقة المفضلة، إلا أنها لا تزال تُستخدم من حين لآخر لمعالجة سيناريوهات معينة. ولا تؤثر طباعة المزيد من الأموال على الناتج الإقتصادي وتسبب التضخم، لذلك يوجد عواقب لإستخدام مثل هذه الأداة.

 

متطلبات الإحتياطي

إنّها أداة شائعة تستخدمها جميع البنوك المركزية وهي مطالبة البنوك التجارية بالحفاظ على مبلغ معين من المال مقابل ودائع عملائها. ويتم الإحتفاظ بهذه الأموال في خزائن أو في البنك المركزي ولا تتحرك أبداً. وبإفتراض أن البنك المركزي لديه متطلبات إحتياطي بنسبة 10 ٪، وأن البنك التجاري لديه ودائع بقيمة 100 مليون دولار، يحتاج البنك إلى تخصيص 10 ملايين دولار كإحتياطي مع التمكن من تداول 90 مليون دولار المتبقية.

يعد تعديل متطلبات الإحتياطي ممارسة شائعة. وعندما ترفع البنوك المركزية المتطلبات، فإنها تطلب من البنوك أن تخفف من تداول الأموال وتكثر الإحتفاظ بها. وعندما تقوم البنوك المركزية بإسقاط المتطلبات، فإنها تسمح للبنوك بالتداول والإقراض بشكل أكبر بينما الإحتفاظ بالأموال أقل.

اعتباراً من 16 كانون الثاني/ يناير 2020، تُعفى البنوك الأمريكية التي لديها ودائع تصل إلى 16.9 مليون دولار من أي متطلبات إحتياطي بينما يجب أن تضع جانباً 3٪ إذا كانت ما بين 16.9 مليون دولار و127.5 مليون دولار، وأي شيء يزيد عن 127.5 مليون دولار يحتاج إلى 10٪ كمتطلب إحتياطي. وتغير هذا بسرعة في 26 مارس 2020، بسبب جائحة كوفيد من خلال القضاء على جميع متطلبات الإحتياطي.

أسعار الفائدة

في حين أن البنك المركزي لا يمكنه إتخاذ قرار بشأن معدل القروض الشخصية، والرهون العقارية، وأنشطة الإقتراض التجاري الأخرى، إلاّ أنّ يمكنه تعديل معدل السياسة وهو المعدل الذي يمكن للبنوك التجارية أن تقترض به الأموال من الإحتياطي الفيدرالي. ويشار إلى هذا في الولايات المتحدة باسم "معدل الخصم الفيدرالي".

عندما تكون البنوك قادرة على الإقتراض بسعر رخيص من البنك المركزي، فإنها تكون قادرة على نقل تلك المدخرات إلى عملائها. وعلاوة على ذلك، يؤدي إنخفاض معدلات الفائدة إلى زيادة الإقتراض، مما يؤدي إلى زيادة المعروض النقدي المتداول.

عمليات السوق المفتوحة

تشير عمليات السوق المفتوحة إلى قيام البنوك المركزية بشراء أو بيع الأوراق المالية الحكومية. وعندما تتطلع البنوك المركزية إلى زيادة الأموال المتداولة، فإنها ستشتري الأوراق المالية الحكومية من البنوك والمؤسسات. وينتج عن المعاملة المزيد من النقود لدى البنوك التجارية التي يمكنها إستخدامها لإقراض عملائها. ويُنظر عادةً إلى هذا على أنه سياسة نقدية توسعية أو ميسرة، مما يؤدي إلى إنخفاض أسعار الفائدة.

التيسير الكمي

خلال الأوقات الإقتصادية الصعبة، يمكن للبنوك المركزية تقديم نسخة مطورة من عمليات السوق المفتوحة من خلال إطلاق برنامج التسهيل الكمي. في هذه الحالة، تخلق البنوك المركزية المزيد من الأموال ثم تستخدمها لشراء الأوراق المالية الحكومية. وتعمل الأموال التي تم إدخالها حديثاً على تحسين المعروض النقدي وتسمح للبنوك بمنح المزيد من القروض، مما يؤدي إلى إنخفاض أسعار الفائدة على المدى الطويل وزيادة الإستثمارات.

بعد أزمة عام 2007، أطلق بنك إنجلترا والإحتياطي الفيدرالي برامج التسهيل الكمي، بينما أطلق البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان مؤخراً برامج مماثلة.

تدخل العملة

في بعض الأحيان، قد تقرر البنوك المركزية تعزيز عملتها أو إضعافها لأسباب مختلفة. وهناك مثالان شائعان يشملان بنك اليابان (الشكل 1) والبنك الوطني السويسري اللذين تدخلا على مر السنين في الأسواق لإضعاف عملاتهما في مناسبات متعددة. ويعتبر الين الياباني والفرنك السويسري عملات ملاذ آمن مما يؤدي إلى طلب قوي خاصة في أوقات عدم اليقين. وفي هذه المرحلة، قد يتطلع البنك المركزي إلى بيع عملته الخاصة وشراء عملات أجنبية أخرى بإستخدام مبالغ كبيرة جداً يمكن أن تؤثر على السوق وتغير سعر الصرف.

يظهر الرسم البياني اليومي لزوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني تدخل 18 مارس 2011 ونتائجه

الشكل 1 - الرسم البياني اليومي لزوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني يظهر تدخل 18 مارس 2011 ونتائجه.

Please click For bigger size

×
 

كانت هناك تدخلات أخرى على مر السنين، لكنه إجراء متطرف لا يتم إتخاذه إلا عندما يصل سعر الصرف إلى مستويات خطيرة فيما يتعلق بالأنشطة الإقتصادية للبلد.

 

افكار أخيرة

مهمة البنوك المركزية حساسة في جميع الأوقات، ومع ذلك يتعين عليها القيام بما يلزم للحفاظ على صحة الإقتصاد. وبإستخدام مجموعة متنوعة من الأدوات، يمكنها التحكم في مقدار الأموال المتداولة، ولكن قد يوجد عواقب وخيمة للتقليل أو التكثير من شيء ما. وعلاوة على ذلك، غالباً ما يتم إنتقادها بسبب قراراتها حيث يمكن أن يكون للأدوات المختلفة نتائج أفضل ولكن الوضع ليس مثالياً أبداً أو علمياً بنسبة 100٪ ويمكن أن يعتمد على كيفية تصرف أمة بأكملها بالأموال المتاحة لهم.

 

المعلومات الواردة في هذا التقرير هي لغايات نشر المعلومات فقط .

قد تكون المعلومات مصدرها بيانات من طرف ثالث ومزودي الأسواق المالية، وإن مجموعة ( سي إف أي ) بالإضافة الى الشركات التابعة لها الخاضعة للتنظيم غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن أية خسائر و/أو إجراء يتخذه المستثمر بناءً على هذا التقرير، ولذلك أي قرار للاستثمار يتخذه المستثمر فهو مبني على قراره وحكمه وخبرته أو على مشوره خاصة اختار الحصول عليها من قبل مستشار مالي او مستشارين ماليين. نحن لا نقدم أي مشورة استثمارية بهدف التأثير على قرار المستثمر. وأن محتويات التقرير لغرض نشر المعلومات فقط، و تعتبر كخدمات إضافية او استثمارية او مشورة.

نقدم معلومات وتحليلات عامة التي قد لا تأخذ بعين الاعتبار أية من أهدافك او الوضع المالي والظروف الشخصية او الإحتياجات. لذلك عليك دائماً النظر للأهداف وأخطار التداول الخاص بك، وبالتالي لا يجب الاستثمار بأي مبالغ لا يمكنك الاستغناء عنه. كل ما ورد بهذا التقرير من معلومات وبيانات فقط لغرض تمكينك من إتخاذ القرارات الاستثمارية الخاصة بك ولا يجوز تفسيرها بأنها نصيحة او توصية شخصية.

محتوى المقال يعكس أراء واعتقادات المؤلفين ولا يعكس بالضرورة توجهات ( سي اف أي ). وان الشركة غير مسؤولة عن اي قرارات او عمليات يقوم بها المستثمر، حيث يملك المستثمر كامل الحرية والإرادة لأتخاد أي قرار يراه مناسب لاستثماره. "هذا المنشور ملكية ل ( سي اف أي ) فقط. كما تنص الاتفاقية بأنه على الطرف المتلقي فقط عرضها وألا يتم النشر او التوزيع او أعادة صياغة التقارير المستلمة و ارسالها لأية أطراف أخرى، وسيتم تعقب أي فرد او شركة تقوم بالنشر او النسخ بتهمة انتهاك حقوق النشر.